| طاف «بالبيت» فاستهلَت جُفونُهْ |
| عَبرات فاضتْ بهنَّ شؤونُهْ |
| واحتواه من الجلالةِ شوقٌ |
| وبأعماقه استفاق دَفِينُه |
| شاعر عاشق له سُبُحاتٌ |
| بهوى المكَّتين باد حنينُهْ |
| هائم قلبُهُ، وفي كل واد |
| عند «أُمّ القرى» تَهيج شجونُهْ |
| يَتَمَلَّى من الجمال فنوناً |
| وجمالُ الإِيمان شتَّى فنونُهْ |
| ويداري هواه بالشعر نحوي |
| فيباريه بالنشيد أنينُهْ |
| وانثنى ضارعاً وللدمع سَمْطٌ |
| لؤلؤىٌّ منثَّرٌ مَكنونُهْ |
| يشتكي باللوى لواعجَ شوق |
| وبِسَلْع وساكنيه سكونُهْ |
| بثَّ شكواه بالقريضِ حزيناً |
| ومن الشعر ما يُريحُ حزينُهْ |
| وتمنى وهو الذي قد تساوتْ |
| عنده أُمنياتُهُ ومَنُونُهْ |
| هيبة «البيت» علَّمته بياناً |
| بالهوى زاد والتقى تبينُهْ |
| رقَّ باللفظِ شعره، والمعاني |
| حين راقت يَزينُها وتَزينُهْ |
| كلُّ أنشودة له حين تُتلى |
| تُنِعشُ القلبَ رقةً وتُلينُهْ |
| كالغواني الحسانِ مِسنَ دلالا |
| وجنى الروض قد تَدَلَّتْ غصونُهْ |
| أيها الشاعر المُشوق تمهّل |
| «كعبة الله» هذه و «يَمينُهْ » |
| يَجِفُ القلبُ خاشعاً في حِمَاهَا |
| و «بأركانها » يطيب ركونُهْ |
| و «مقامُ الخليل » فيضٌ ونورٌ |
| للبرايا مكانُهُ ومكينُهْ |
| وصلاةٌ «بالبيتِ» تَعدلُ عُمْراً |
| بالضلالاتِ قد تَقَضَّتْ سنونُهْ |
| عَرَفَ الأنسَ شاعرٌ أرهَقتْهُ |
| بالخطايا ذنوبُهُ وديونُهْ |
| ملأ الحبُّ قَلبه والحنايا |
| ألَقاً من سناه ضاءَتْ دجُونُهْ |
| واستنارت له سبيل هُداه |
| فَتلاَشَتْ أوهامُهُ وظنونُهْ |
| وتسامى بالروح حيث استقرَّتْ |
| جَبْهَتاه على «الحصى » وجَبِينُهْ |
| مطمئنَّ الضَّمير طَلَقَ الُمحيا |
| رَضِيَتْ نفسُهُ وقَرَّتْ عيونُهْ |
| وله في النهار سَبْحٌ طويلٌ |
| تَتوخّاه في الحياة شؤونُهْ |
| ويعاني بناشئَات الليالي |
| وَطْأةً، ربُّه عليها يُعِينُهْ |
| ويناجي الإِلهَ بسرٍّ خفيٍّ |
| عن سوى الخالقِ العظيم يصونُهْ |
| حَسْبُهُ وقفةٌ بِجُنْح الدياجي |
| والخلّيون هُجَّعٌ ومجُونُهْ |
| حَسْبُهُ سجدةٌ ستغدو كتاباً |
| تَتَلقَّاه بالحسابِ يَمينُهْ |
| ورحيقٌ من نبعِ «زمزم» يروي |
| كلَّ صاد تَسنيمُهُ ومَعِينُهُ |
| فَجَّرَتْها عناية الله عيناً |
| أيْنَ منها أنهارُهُ وعيونُهْ |
| ثَرَّة بالعطاءِ وبالخيراتِ ثَجَّـ |
| ـاجُها طعام طُعْم سمينُه |
| وشفاءٌ من كلِّ سُقم وداء |
| يتلوّى مبطونُهُ وطعينُهْ |
| يغمرُ القلبَ بالَمسَرَّاتِ واد |
| آهلاتٌ منه الصفا وحجُونُهْ |
| وهدير الدعاء لله حولَ الـ |
| ـبيت طَابتْ أنغامُهُ ولحُونُهْ |
| واختلاف الألوانِ في الحج |
| والألسن آيات بهنَّ يَقْوى يَقينه |
| قصدوا موطنَ الرجاءِ وفودًا |
| وسحابُ الِرِّضْوَانِ سحَّ هُتونُهْ |
| يبتغون الرِّضا ويَرجُونَ ربَّاً |
| مانحاً فضلهُ لمنْ يَستَعينهْ |
| وعَجِلنا إليك ربِّ لترضى |
| يومَ لا ينفع القرينَ قرينُهْ |
| وبحوم المضمار لن يتساوى |
| أعوجيٌّ مُجَرّدٌ وهَجينُهْ |
| ومضَى ركبُهُ إلى «عرفات» |
| وبوادي نُعْمان حَطَّتْ ظُعُونُه |
| ومِنَ الدَّمْعِ هَلَّ بالسَّفْحِ سَفْحٌ |
| فوقَ خديهِ يَسْتَدِرُّ سَخِينُهْ |
| جذوة الوجد بين جَنْبيهِ شَبَّتْ |
| كشبا السَّيفِ أرهفتْه قُيونُهْ |
| كلَّما حاولَ اصطباراً عليه |
| يَهتِكُ الدَّمعُ صَبرَهُ ويخُونُهْ |
| وطيوب «الخيام» فاحَتْ فقلنا |
| عَطَّر الرَّوضَ عابقاً نسرينُهْ |
| ورياحُ البشرى وبين يَديها |
| تتهادى بِيضُ السَّحابِ وجُونُهْ |
| والغماماتُ ظُلَّةٌ تتنزّى |
| بالرَّبابِ الرَّطيب إذ حان حِينُهْ |
| بردهُ يطفىءُ الأوامَ كريماً |
| ويُنقي الفؤادَ مَما يَرينُهْ |
| وترى أوْجُه العبادِ وِضاءً |
| زانهَا نَضرْةُ النَّعيمِ ولِينُه |
| نَاضِرَات لِرَبِّها نَاظِرَات |
| أزْلِفَتْ حُورُهُ إليهم وَعِينُهْ |
| وضجيجُ الحجيج يَعلو وَيحلو |
| بالمناجاةِ وَقْعُهُ ورَنينُهْ |